تُعد أمراض اللوزتين من أكثر الحالات شيوعًا التي يواجهها أطباء الأنف والأذن والحنجرة (ENT)، خاصةً عند الأطفال. إن فهم دور اللوزتين، وأسباب التهابهما، ومتى تكون جراحة استئصال اللوزتين (Tonsillectomy) ضرورية، يساعد المرضى والأهالي على اتخاذ قرارات علاجية صحيحة ومدروسة.
بصفتي طبيب أنف وأذن وحنجرة، أرى كثيرًا من المرضى الذين يعانون من التهاب الحلق المتكرر، أو الشخير، أو صعوبة التنفس أثناء النوم — وجميعها قد ترتبط بمشكلات في اللوزتين. في هذا المقال، سنستعرض كل ما تحتاج معرفته حول أمراض اللوزتين، مؤشرات استئصال اللوزتين، مرحلة التعافي، والبدائل العلاجية غير الجراحية.
فهم اللوزتين ووظيفتهما
تُعد اللوزتان نسيجين ليمفاويين بيضاويين يقعان على جانبي مؤخرة الحلق، وهما جزء من منظومة مناعية تُعرف باسم حلقة والدير اللمفاوية ()، التي تساعد الجسم على مقاومة الفيروسات والبكتيريا الداخلة عبر الفم والأنف.
تلعب اللوزتان دورًا مهمًا في تطوير جهاز المناعة لدى الأطفال، ولكن عندما تصبح هذه المنظومة مفرطة النشاط أو تتعرض للالتهاب المتكرر، قد يؤدي ذلك إلى التهاب اللوزتين (Tonsillitis) أو تضخمهما المزمن.
أسباب التهابات اللوزتين الشائعة
يمكن أن تحدث التهابات اللوزتين بسبب فيروسات أو بكتيريا. ومن أكثر الفيروسات شيوعًا:
- فيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)
- فيروسات الإنفلونزا والبارإنفلونزا
- الفيروس الغُدّي (Adenovirus)
- فيروس إبشتاين بار (EBV)
- فيروس الهربس البسيط (HSV)
أما الالتهابات البكتيرية فتنتج غالبًا عن:
- بكتيريا العقدية (Streptococcus)
- بكتيريا الهيموفيلوس (Haemophilus influenzae)
- بكتيريا الموراكسلا (Moraxella catarrhalis)
- بكتيريا المكورات العنقودية (Staphylococcus aureus)
يتم تشخيص العدوى عبر الفحص السريري والتحاليل المخبرية مثل مزرعة الحلق أو اختبار الكشف السريع للبكتيريا العقدية. بناءً على النتائج، يحدد الطبيب خطة العلاج الطبي أو الجراحي المناسبة.
أعراض وعلامات أمراض اللوزتين
تؤثر أمراض اللوزتين على كل من الأطفال والبالغين، لكنها أكثر شيوعًا لدى الأطفال. ومن أبرز الأعراض:
- التهاب الحلق المتكرر وصعوبة البلع
- الحمى والإرهاق العام
- الشخير أو انقطاع النفس أثناء النوم بسبب تضخم اللوزتين
- التنفس عبر الفم وانسداد الأنف
- رائحة الفم الكريهة (Halitosis)
- تضخم العقد اللمفاوية في الرقبة
- التهاب اللوزتين المتكرر مع ارتفاع الحرارة
في الحالات المزمنة أو الشديدة، قد تؤثر هذه الأعراض على النشاط اليومي، والشهية، وحتى نمو الطفل.
متى تكون جراحة استئصال اللوزتين ضرورية؟
ليس كل التهاب في اللوزتين يحتاج إلى جراحة، ولكن استئصال اللوزتين يصبح ضروريًا عندما يفشل العلاج الدوائي أو تظهر مضاعفات.
أهم مؤشرات استئصال اللوزتين:
- أكثر من خمس نوبات من التهاب اللوزتين خلال سنة واحدة
- أكثر من ثلاث نوبات سنويًا لمدة سنتين متتاليتين
- التهاب اللوزتين المتكرر مع ارتفاع الحرارة أو تشنجات الحمى
- الإصابة المزمنة ببكتيريا العقدية أو الدفتيريا دون استجابة للمضادات الحيوية
- استمرار الأعراض مثل:
- رائحة الفم الكريهة
- ألم الرقبة أو تضخم العقد اللمفاوية
- انقطاع النفس أثناء النوم والشخير غير الناتج عن مشكلات أنفية
- الخُراج المحيط باللوزة (Peritonsillar abscess)
- الاشتباه بوجود أورام في اللوزتين
كما يأخذ الطبيب بعين الاعتبار عمر المريض، حالته الصحية العامة، وفصل السنة قبل اتخاذ قرار الجراحة. وفي الأطفال دون سن الثالثة، يتم تفضيل العلاج الدوائي ما لم تكن الحالة طارئة.
شرح عملية استئصال اللوزتين
تُجرى جراحة استئصال اللوزتين تحت تخدير عام، بحيث يكون المريض نائمًا ولا يشعر بأي ألم.
- مدة العملية: حوالي 40 دقيقة، بإجمالي وقت تخدير يقارب 90 دقيقة.
- الأسلوب الجراحي: يتم إزالة اللوزتين مع غشائهما المحيط باستخدام أدوات دقيقة من دون التأثير على عضلات الحلق.
- الخروج من المستشفى: غالبًا ما تكون الجراحة في يوم واحد ويمكن للمريض العودة إلى المنزل بعد المراقبة القصيرة.
في بعض الحالات، خاصة عند تضخم اللحميات (Adenoids)، قد يُجرى استئصال اللحمية في نفس الوقت لتحسين التنفس وتقليل العدوى المستقبلية.
التعافي بعد جراحة استئصال اللوزتين
تستغرق فترة التعافي عادةً من 7 إلى 14 يومًا. اتباع تعليمات العناية بعد العملية يسرّع الشفاء ويقلل المضاعفات.
1. السيطرة على الألم
يُعتبر الألم أمرًا طبيعيًا خاصة في الأيام الأولى. يمكن استخدام الباراسيتامول (أسيتامينوفين) أو الإيبوبروفين حسب توجيه الطبيب. يُمنع استخدام الأسبرين للأطفال لتفادي متلازمة راي.
2. الترطيب
يُعد شرب السوائل بكثرة ضروريًا للتعافي. يُنصح بتناول الماء البارد أو مكعبات الثلج أو العصائر غير الحمضية لتخفيف الألم والتورم.
3. النظام الغذائي
اتباع نظام غذائي طري وبارد خلال الأيام الأولى مثل:
- الآيس كريم، الزبادي، البودينغ
- البطاطا المهروسة، الحساء، العصائر السميكة
- تجنب الأطعمة الحارة أو القاسية التي قد تُسبب تهيج الحلق
4. الراحة والنشاط
الراحة ضرورية للتعافي السريع. يجب تجنب المجهود البدني، والصراخ، والتمارين القوية لمدة أسبوعين على الأقل. كما يُفضل بقاء الأطفال في المنزل 7–10 أيام بعد الجراحة.
المخاطر والمضاعفات المحتملة
تُعد الجراحة آمنة بشكل عام، ولكن هناك بعض المخاطر التي يجب معرفتها:
- النزيف: وهو أكثر المضاعفات شيوعًا، خاصة خلال الأسبوع الأول. يجب مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور دم في اللعاب.
- العدوى: نادرة، وقد تُعالج بالمضادات الحيوية.
- الجفاف: بسبب صعوبة البلع الناتجة عن الألم.
- تغير الصوت: قد يحدث مؤقتًا بسبب التورم، ويزول عادة مع الشفاء.
البدائل غير الجراحية
في الحالات الخفيفة، يمكن تجنب الجراحة عبر العلاج الدوائي وتعديل نمط الحياة، مثل:
- المضادات الحيوية للالتهابات البكتيرية
- الغرغرة بالماء والملح أو المستحلبات المهدئة للحلق
- المسكنات الخفيفة لتقليل الالتهاب والحمى
- السوائل الدافئة مع العسل لتخفيف التهيج
إذا فشلت هذه الطرق في السيطرة على الالتهابات المتكررة أو انسداد مجرى التنفس، فستكون الجراحة الخيار الأنسب.
استئصال اللوزتين عند الأطفال – ما يجب أن يعرفه الأهل
يُعتبر الأطفال الأكثر عرضة لإجراء استئصال اللوزتين. يجب على الأهل الانتباه للأعراض التالية:
- الشخير أو انقطاع النفس أثناء النوم
- صعوبة البلع أو التنفس عبر الفم
- التهابات متكررة رغم تناول المضادات الحيوية
إهمال الحالة قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم، ومشاكل سلوكية، وتأخر في النمو نتيجة ضعف النوم والشهية. يساعد الاستئصال في تحسين التنفس وجودة النوم وتقليل العدوى المستقبلية.
نصائح العناية بعد الجراحة من طبيب الأنف والأذن والحنجرة
لضمان شفاء سريع بعد استئصال اللوزتين، يُنصح بما يلي:
- الالتزام بتعليمات الأدوية كما وصفها الطبيب.
- تجنب العصائر الحمضية مثل عصير البرتقال.
- الحفاظ على رطوبة الجو لتفادي جفاف الحلق.
- مراقبة علامات النزيف خاصة في اليومين الخامس والسابع بعد العملية.
- حضور المراجعات الطبية المنتظمة لمتابعة التعافي.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
يجب الاتصال بالطبيب فورًا عند ملاحظة أي من الحالات التالية:
- نزيف مستمر أو قيء دموي
- ألم شديد لا يتحسن بالأدوية
- علامات الجفاف مثل جفاف الفم أو قلة التبول
- ارتفاع الحرارة فوق 38 درجة مئوية
- صعوبة التنفس أو البلع
استئصال اللوزتين في قطر – رعاية متخصصة من خبراء الأنف والأذن والحنجرة
إذا كنت أنت أو طفلك تعانيان من التهابات الحلق المتكررة، أو الشخير، أو صعوبة التنفس أثناء النوم، فإن استشارة طبيب أنف وأذن وحنجرة في قطر هي الخطوة الأولى نحو الراحة على المدى الطويل.
نحن نقدم تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا شاملاً لجميع أمراض اللوزتين بما في ذلك استئصال اللوزتين للأطفال والبالغين، باستخدام أحدث التقنيات لضمان الأمان والراحة وأفضل نتائج الشفاء.
الخلاصة
يبقى استئصال اللوزتين من أكثر العمليات شيوعًا وفعالية في طب الأنف والأذن والحنجرة. عند إجرائها في الوقت المناسب وبعناية طبية صحيحة، تمنح المريض راحة دائمة من التهابات الحلق وصعوبات التنفس.
إذا كنت تفكر في استئصال اللوزتين في قطر، احجز استشارتك مع طبيب أنف وأذن وحنجرة متخصص لتقييم حالتك واختيار الحل الأنسب لصحتك وجودة حياتك.